هو ممثل من عيلة أرستقراطية كبيرة، وارثة الباشوية أبًا عن جد، إتعلم في مدارس فرنسية ما بيتعلمش فيها غير الأمراء وبس، وبعدها كمل تعليمه في فرنسا، وبدل ما يشتغل سفير، إشتغل شيال في سوق الخضار، وجرسون في مطعم، ورغم إنه مثل في أفلام عالمية كبيرة، وكان واحد من نجوم فرقة الكوميدي فرنسيز العالمية، إللا إن أول حاجة عملها في أول فيلم مصري، إتحذفت من الفيلم قبل عرضه بدقايق، بكلمكم عن الجميل.. جميل راتب.
فيه أراء كتير بتقول، إن جميل راتب سد الفجوة اللي حصلت في أدوار الشر بعد وفاة زكي رستم والمليجي.
والحقيقة إن اللي بيقول كده غلطان، لإن جميل راتب لا هو شبه المليجي ولا ينفع يكون زكي رستم.
لأنه في منطقة تانية خاصة بيه، منطقة اتعدت المحلية، وبقى فيها الشرير خواجة بيتكلم لغات، ومتعلم بره، و رجل أعمال دولي، بيسافر يتفسح ويلف الدنيا، ويلبس براندات، وبيشرب سيجار، وعايش برنس كده فـ نفسه..
وجميل راتب فنان من طراز رفيع، ومن عيلة كبيرة، والده أبوبكر باشا راتب، ووالدته بنت عمر باشا سلطان، وعيلته كلها باشاوات أبًا عن جد..
إتعلم زي أولاد عيلته، في مدارس فرنسية ما بيدخلهاش غير الأمراء، ولما خلص البكالوريا دخل كلية الحقوق الفرنسية في مصر علشان يدرس سياسة، ويخرج يتعين في السلك الديبلوماسي، وفـ سنة تانية سافر فرنسا يكمل تعليمه.
إتولد جميل راتب في اسكندرية في 18 أغسطس سنة 1926، وكان خجول جدًا ومنطوي وهو صغير، لكنه عشق التمثيل وحاول يمثل، وكان مقتنع إن التمثيل هيجرأه، وهيخليه يخرج من حالة الخجل والإنطوائية اللي هو فيها، وفعلًا مثل وأخد جايزة التمثيل الأولى على مستوى المدارس في مصر.
وهنا رشحه توجو مزراحي إنه يمثل دور صغير قدام ماري منيب في فيلم الفرسان التلاتة، لكن أهله كانوا رافضين رفض تام إنه يكون ممثل، ولما عمل الدور من وراهم ، أصروا إن المخرج لازم يحذفه وفعلًا إتدخلت العيلة واضطر المخرج إنه يحذف المشاهد اللي عملها جميل راتب..
لكن لما سافر فرنسا عشان يدرس ويبقى ديبلوماسي، فكر إنه يعيش حياته بالطريقة اللي هو عايزها، وقرر إنه يرمي ورا ضهره موضوع الديبلوماسية، واللي اسرته رسمتهوله، ويدرس الدراما والتمثيل في أكبر المعاهد الفرنسية.
وهنا وقعت الكارثة، وعيلته غضبت عليه، وسابوه في فرنسا ومبقوش يبعتوله فلوس..
طيب هيعمل إيه ويتصرف إزاي، قرر إنه يشتغل، وفعلًا إشتغل كذا شغلانه سوا، يعني اشتغل كومبارس، ومترجم، وويتر في كافيه، وشيال في سوق الخضار..
واتصاحب على كبار المفكرين والمثقفين في فرنسا، زي الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر، والمؤرخ بيير فيلار وغيرهم.
وبدأ مشواره الفني بالفرق الصغيرة في باريس، وبعدها رشحه الفنان سليمان نجيب لفرقة فرنسية كانت هتقدم عروض في دار الأوبرا المصرية..
وفي الفرقة دي إبتدا ياخد أدوار كبيرة، ويقدم عروض في كل دول العالم، ويقدم مسرحيات لكبار الكتّاب العالميين، وأصبح أول ممثل عربي في تاريخ الفرقة، وواحد من أبطال أشهر فرقة مسرحية فرنسية، وهيا فرقة الكوميدي فرنسيز.
وابتدا يعمل أدوار كبيرة في السينما العالمية، زي فيلم لورانس العرب وغيره، وفضل يشتغل في فرنسا والعالم، في حدود 30 سنة، لحد ما نزل مصر سنة 74..
في 74 قرر إنه ينزل زيارة لمصر مدتها 6 شهور، لكنه لما نزل اتزاحم عليه المخرجين، لإنه كان إسم مهم برة مصر.
ورغم إنه نازل أجازة لمدة 6 شهور، إللا إنه وافق يعمل مسرحية من إخراج كرم مطاوع، كان إسمها دنيا البيانولا..
وبعدها عمل شخصية كامل الخُلعي في فيلم تلفزيوني، ومن هنا عرفه الجمهور المصري، وحبه، وهو كمان قرر إنه مش هيسافر تاني وهيقعد في مصر..
ومن هنا إنطلق في السينما والتلفزيون والمسرح، وعمل كل أنواع الشخصيات، وقدم الشر بطريقة كوميدية قربته من قلوب الجماهير، لكنه امتلك قلوبهم بالكامل لما لعب أدوار الخير، والأدوار اللي بترسخ للقيم والمبادىء.
وغير شغله في التمثيل، إشتغل كمان في الإخراج المسرحي، وقدم عدد مهم من المسرحيات.
وأثناء إقامته في مصر وشغله فيها، كان برضه بيقدم أدواره في السينما العالمية والعربية، زي اشتراكه في أفلام تونسية ومغربية.
واتكرم الفنان الكبير جميل راتب، بعدد كبير من التكريمات، منها تكريمه من مهرجان القاهرة السينمائي أكتر من مرة، وتكريمه من نقابة المهن التمثيلية، ومنظمة الأمم المتحدة للفنون، وغيرهم..
وفضل الفنان جميل راتب يمثل لحد قبل وفاته بفترة صغيرة، حتى بعد مرضه وتحركه بكرسي متحرك كان مصمم إنه يفضل يمثل طالما لسه بيتنفس.
أما عن حياته الشخصية، فإتجوز جميل راتب مرة واحدة بس، من ممثلة فرنسية إسمها مونيكا مونتيفيير، واللي تركت التمثيل واشتغلت مديرة إنتاج، وبعدها اشتغلت منتجة منفذة، وبعدها أصبحت مديرة لمسرح الشانزليزية..
وحصل الطلاق بينهم وفضل الاتنين محتفظين بصداقتهم لحد آخر وقت، وما أنجبوش أطفال بناءًا على اختيارهم.
واتوفى الفنان الكبير جميل راتب بعد معاناة مع أمراض الشيخوخة، عن 92 سنة.